” يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحا ”
(هذياني )
قبل بضعة أسابيع استشهد أحد الرفاق ببيت للأخطل الصغير . فسحرني حسن الاستهلال ورقته والحالة التي يوصفها. بحثت عن القصيدة وليس بيت القصيد هنا. ولكن عندما حصلت عليها أهملتها و ركنتها مع بقية الملفات الغير كاملة النمو أو التي تعاني من سوء في التغذية . فأنا أكتب يوما وأهمل أيام . فمنذ يوم الجمعة الماضي أنازل وعكة ستعبر سريعا أنشاء الله . وصادف توعكي أني كنت أقرأ كتاب صارم قلب الدنيا من المحيط إلى الخليج . من عنوانه يتضح هذا (الخطيئة والتكفير للغذامي) وكأنكم تضحكون من حالي المستلقي على أريكة أنصت للكتاب ثم تنصتون لشخيري . فأنهض وأعيد الصفحات التي كنت نائماً فيها وهكذا دواليك هههه. إلا أني قررت أن لا أقرأ الكتاب حتى أشفى وأعود لعادتي القديمة الأثيرة حال توعكي . حيث التحرر من العقل إلى سماء الشعر الممزوج بهلاوس العقاقير المنومة وهذه المرة سأهذي مع أبيات الأخطل الصغير . يقال عن الأخطل الصغير أنه الجسر الذي عبرت من فوقه اللغة العصرية . حيث يقف الأخطل بين لغة الشعر القديمة ولغتنا الفصحى الحديثة والتي يتزعمها نزار ودرويش وغيرهم من شعراء الفصحى. أما عنوان القصيدة فهو (أرق الحسن) عنوان يجعلني أتسائل كيف يكون أرق الحسن؟
وبعد قراءتي للقصيدة أقر بأن أرق الحسن له سمات حددها الأخطل و آثار منعكسة على المحبوب :
حيث يبكي ويضحك بلا سبب واضح يدفعه فلم يصب بحزن ولم يعتريه عارض الفرح . هي حيرة العاشق الذي خط سطر واحد على صفحة الحب ثم محا . وسطره هذا الذي يخطه ويمحوه يستلهم جمله من بسمة النجم البعيد . ومن حالته الانفعالية من مخالسة الظبي الذي سنحا . ولرقة الحسن تأثيراً على القلب المترف الذي لا يعرف سوى ممارسة اللذات والحياة الناعمة فيحوله لبرعم رقيق ضعيف مشرع للريح العابثة .
” ما للأقاحية السمراء قد صرفـت عـنّا هواها ” بهذا التساؤل أدرك بعد لوعته وما يلاقيه من محبوبته والجميل هنا أن الشاعر خرج عن التشبيه التقليدي للون المحبوبة الأبيض فشبهها بالأقاحي السمراء والأقاحي هي جذور الحنطة السمراء المعطائه أليس ينبت من كل حبة قمح سبعة سنابل تثمر الفتنة والحسن والأمان و الرقة والأمل و الوصل والدفء .
” لو كنت تدرين ماألقاه من شجن لكنت أرفق مـن آسى ومن صفحا
غداةَ لوَّحْتِ بالآمال باسمةً لانا الذي ثار وانقاد الذي جمحا “
إنها حين لوحة بالآمال باسمة اعترته مشاعر مختلطة حالة كالتي استهلت بها القصيدة حالة لم تجعله يثور عليها لما يلقاه منها وكذلك لم يكن طيعاً لها ” ولم ينقاد الذي جمحا “. حيث أنه لن يبالي بالحياة حين يهتف لسانها باسمه.
” فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ إذا حرمت من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدحا ” كيف ربط المحبوب بين اسمه وصوتها المرموز له بلسان الحب . والروض الأنف الخالي من تغريد الطيور .
أرق الحسن
يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحا كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
من بسمة النجم همس في قصائده ومن مخالسة الظّبـي الذي سـنحا
قلبٌ تمرس باللذات وهو فتى كبرعم لـمـسته الريح فانفـتحا
ما للأقاحية السمراء قد صرفـت عـنّا هواها؟أرق الـحسن ما سمحا
لو كنت تدرين ماألقاه من شجن لكنت أرفق مـن آسى ومن صفحا
غداةَ لوَّحْتِ بالآمال باسمةً لانا الذي ثار وانقاد الذي جمحا
ما همني ولسانُ الحب يهتف بي اذا تبسم وجه الدهر أو كلحا
فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ اذا حرمت من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدحا
ما همني ولسانُ الحب يهتف بي اذا تبسم وجه الدهر أو كلحا
قبل أيام كنت مستاء فأدرجت أسطونة في مشغل الأسطونات تحمل قصائد للشاعر محمد الثبيتي بصوته . ساعة ثم شعرت أني أفضل
طهور 🙂
اشتقت للمدونة كثيرا .. والتنقل بين تلك السطور الأنيقة و الماتعة ..
منذ شهر وأنا أغوص في الكتب العلمية ذات الطرح الجامد لاستكمال مشروع تخرجي , لا تجد سوى الارقام والاحصائيات والدراسات … ثم أخرج من ذلك الجو لنزهة الروح في أرجاء ضوءك يا ابن الجارد .
مفعول تدوينتك هذه كمفعول كوب الماء البارد الذي أهداه الجندي ( لمصطفى أمين ) وهو في معتقله .. حين حُرم من شرب الماء أياماً ,, كما حكى في كتابه سنة أولى سجن .
مأجور أستاذي الكريم >> وعكة وتعدي ههه
مودتي 🙂
طاهر .
“ليت هند أنجزتنا ما تعد.
وشفت أنفسنا مما تجد.
واستبدت مرة واحدة . إنما العاجز من لا يستبد.”
كررها عند الأصيل وبالسحر أربعين ليلة . هذا ما وصفه لي صاحب الأبيات ولا تسألني عن اسمه لأني نسيته ههه.
ما أكثر ما أستدل بالبيت الأول من هذه القصيدة .. هو سلوى لأمثالي من الصغار الحمقى هههههه .
ما تشوف شر ماجد (:
صباح الخير أسماء العطاس . أحرجتني بتشبيهك بكوب مصطفى أمين. نحن نتأرجح بين صرامة القراءة والبحث . فنشعر بأن كل شيء من حولنا نظرية علمية أو فرضية بحاجة للاختبار . أتذكر ذات مرة كنت أقرأ لأشهر في النظريات الاجتماعية . فغدوت أفسر كل الحياة وفق نظريتها الموائمة لها ههه. بينما من الأفضل أن نمارس الحياة كما هي بدون أن نرهق أنفسنا بتقديم تفسيرات نظرية حولها .والأمر الثاني الذي نتأرجح إليه هو حين نشعر أن قراءتنا الصارمة قد استبدت بنا نلجء للترويح عن عقولنا . فمنا من يهجر القراءة تماما . ومنا من يحرف قراءاته لمواضيع خفيفة طريفة . أما أنا حين أشعر بتعب العقل أو الروح أو الجسد أعكف على سماع الشعر . ولكأنها رقى أرقي نفسي بها ههه. لا أدري لماذا ؟ أو هل هناك أحد يفعل مثلي .
لكن ما أعتقده أن التعب أو الألم بكل أشكاله له
تأثير عكسي على الروح فكلما كان الوجع أكثر تخلصت أرواحنا من شوائبها وأوهامها وأغلالها . ألا نتأمل روح المؤمن حين تتخلص من دنيى الوجع . فتخرج مطمئنة راضية خفيفة . ربنا أعطنا من فضلك وللمسلمين أجمعين . ربما تسألين ما علاقة هذا بالشعر ؟
سأحاول الإجابة : من أين ينبع الشعر؟ هل من العقل والفكر ؟ أم من خفقان المشاعر والقلب .ولأنه من القلب أو نابع من الإحساس فأنه يرتبط بالأماني , بالتطلعات , بالرغبة , باللهفة إلى أمر ما . لذا فأنه يحلق بعيدا في سماء الخيال والأحلام والتوثب للتحرير من واقع يكبل الشاعر أو المتذوق . لذا نجده ييغزل أبياته وكلماته ومعانيه من أساليب بلاغية متنوعة مضبوطة بالإيقاع وموسيقى القصيدة .فلكل معنى إيقاع يتواءم ويتناغم معه .
يبدو أنيبدأت أثرثر ههه. كل الشكر لك ولحسن ظنك ويسر الله أمرك وأمور المسلمين .
مدونه رائعه ولست هنا للتقييم ..
ممررت واحببت أن يكون لي أثر..
طهور إن شاء الله
سكينة بعيدا عنك الشر . فعلا البيت الأول لهذه القصيدة فهو الذي سحرني سلبني جعلني في حيرة . البكاء والضحك متناقضان . ولكن في لحظة عابرة قد يجمع بينهما حيث تنهمر الدموع حارقة وتقهقه الروح ساخرة من كل مات تطاله .
دمت بسكينة
مرحبا ببسمة . أثرك هنا مكسب للمدونة المتواضعة . والحمد لله زالت الوعكة . ودامة أيامك بسمة .
تذكرت البيت اللي درسناه في الثانوي أظنه لطاهر زمخشري رحمه الله
أبكي واضحك والحالات واحدة
اطوي عليها فؤادا شفه الألم
فإن رأيت دموعي وهي ضاحكة
فالدمع في زحمة الآلآم يبتسم
..
مؤخرا أسرتني بيتان لماجد الشبل عافاه الله
مآهمني لو بالهوى بُحت
أوأنتْ طول العمر ما بَحت
يكفيٌ إذا أحداقنا إجتمعت
أطرقت فيٌ صمتْ وأطرقتْ
..
أظن للشعر سلطة مختلفة على كل محموم..
عافانا الله وإياك
. يقول أبو فراس أقُولُ وَقَدْ نَاحَتْ بِقُرْبي حمامَة ٌ: أيا جارتا هل تشعرين بحالي ؟
معاذَ الهوى ! ماذقتُ طارقة َ النوى ، وَلا خَطَرَتْ مِنكِ الهُمُومُ ببالِ
أتحملُ محزونَ الفؤادِ قوادمٌ على غصنٍ نائي المسافة ِ عالِ ؟
أيا جارتا ، ما أنصفَ الدهرُ بيننا !
تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ، تَعَالِي!
تَعَالَيْ تَرَيْ رُوحاً لَدَيّ ضَعِيفَة ً، تَرَدّدُ في جِسْمٍ يُعَذّبُ بَالي
أيَضْحَكُ مأسُورٌ، وَتَبكي طَلِيقَة ٌ، ويسكتُ محزونٌ ، ويندبُ سالِ ؟
لقد كنتُ أولى منكِ بالدمعِ مقلة ً؛ وَلَكِنّ دَمْعي في الحَوَادِثِ غَالِ!
ويقول
أسامة بن منقذ
ناحت فباحت في فروع البان عن لوعتي وعن جَوَى أحْزانِي
بخيلة العينين بالدمع ولي عين تجود بالنجيع القاني
إذا دعت أجبتها بروعة وُرقٌ تداعت في ذُرا الأغصانِ
أحببت قوماً وإفراط الهوى ندم
وحسرتي أن الزمان غال من كنت إذا دعوته لباني
يزَيدُ هوى َ ليلَى رضَاها، وعتبُها
وللشَّوقِ منهَا، ما دعاها إجابة ٌ
هيَ اليومَ شَتَّى ، وهيَ أَمْسِ جَميعُ
وحمائم ويقول أبن القيسراني
وحمائم ناحت على فنن فبعثن لي حزنا إلى حزن
ناحت ونحت وفي البكا فرج فظللت أسعدها وتسعدني
شتى الهوى والشوق يجمعنا كل بكى منا على شجن”
إلى آخر تلك القصائد الرائعة
فيها يكثف معنى أن الجسد حين يكبل بمرض أو أسر تحلق الروح وتبوح . وما علاقة بين الشعراء واليمام فيوجهون الخطاب لها ولكأنها صديقة مخلصة أو محبوبة أو رسول أمين لبيب
. أنه أمر يبعث على التأمل العميق والبعيد . أبعد الله عنا وعنك وعن المسلمين الألم .
تقديري العميق
لو أمكنت اريد المزيد من التوضيحات و الترجمة عن قصيدة يبكى و يضحك ، و مع الشكر